:: قصتي حين تغيب ::
قصة سأبدأ بقص احداثها .. من البداية الى هنا .. الى حيث اقف و اتسمر في مكاني في برد شهر كانون الثاني المميت .
تتبدل الاحداث و تختلف القصص ايضا شخوصها و ابطالها ... وتتبدل الامكان و طرق الالتقاء ... تتبدل الاسماء و ملامح البشر .. بمختلف الوانهم .. فهنا .. تقف المسميات و الصفات المميزة للبشر خارج نطاق الحب ... لا تستطيع الاقتراب قيد انملة ...
ففي هذا الصدد .. من يتجلى بأجمل صوره و صفاته .. الانسان بلا منازع .. مشاعر انسانية خالصة ..
لكن ما يبقى على حاله ... و بلا اختلافات كثيرة .. يحافظ على نفسه زهيا نقيا عفويا .. كما خلق منذ بدء الخليقة .. كأسمى مشاعر الانسانية ... هو الحب .
احتار من هنا كيف ابدأ ... و بأي كلمات اقرب لتلك المعاني التي اضمها بين لخجات صدري .. لكي تخرج كما هي .. نقية دافئة .. بلا زركشة ولا الوان صناعية .. اصمت للحظات .. و اضع يدي على خدي .. محاولا ان اعتصر ما في داخلي من كلمات ... لكي تصل الى ما اطوق بلا عناء كبير .. ففي العناء هنا مضرة .. فالقلب احيانا .. يحتاج الى الصفاء ليفضي الى المحبوب بكل الاماني و الامال .. ويشكو اليه ايضا سوء الحال ...
بين صفحات و احرف وهمية ..وجدت نفسي اقضي وقتا طويلا ... في عزلة عن واقعي و اجتماعية مختلقة ... فلا ادري اهو انعزال ام انفتاح ... لعل ما يكون هناك .. لست تلقاه في من حولك .. في واقع العملانية و صعوبات تفاصيل الايام المرهقة .. كنت اسهر الليالي و ارسم احرف , كنت اشعر براحة قلبي عند خطها حتى و ان كانت بين طيات صفحات افتراضية غير واقعية ... اما التناقض فهو صفة ضلت مشتركة ما بين ذلك العالم الافتراضي و العالم الافتراضي الاخر الذي اسموه " بالعالم الواقعي "
فكنت اشعر فيه بفرح و سعادة و كنت اشعر بالضجر و الحزن ايضا ... اي ذلك العالم الافتراضي .. والذي يأبى الكثيرون نفي صفة الواقعية عنه ... اي عالم افتراضي ذلك ما يتلاعب و المشاعر التي تسكن صدرك و انت تداعب لوحة المفاتيح لكي تترجم ما فيك من كلمات لتوصل بعض من مشاعر .... .
تجد ايضا هناك .. من هو يقرب اليك حتى و لو من خلال كلمة ..و من هناك ايضا تستاء لرؤية احرفه .. تضاحك هذا و تمازح ذاك و تغضب من اولئك و تسيئ و يساء اليك من الباقي ...
في زحمة تلك الاشياء .. يتسلل الي طيف من البعيد .. يفرض نفسه بقوة غير مسبوقة .. حتى يثبت لي ... بأن العالم الافتراضي والذي اخذني من عالمي الواقعي ..ما هو الا طريقة ابتدعها البشر للتواصل والالتقاء .. فالبشر اذن ادركوا حاجتهم الى التواصل و تطوير طرقه
فمن هناك دخلت عالمي الواقعي و اخذت تتلاعب و اشياءاتي الخاصة ...
اقف لوهلة .. استجمع افكاري و اعيد النظر فيما حدث .. لطالما كنت اقول .. ان حالة الحب ... ليست مرتبطة بزر الكتروني كان او غيره .. عند حاجتك اليه تجده امامك كشاشة التلفاز يعرض لك فيلما او مسلسلا ..ولا هو بشاشة ذلك الحاسوب الاخرس ... والذي يقوم بدور نافذتك الخاصة على كل العالم المجنون ...
جائتني و القت بنفسها و الاه تتوشح شفتاها على كتفي واخذت بالتنهيد ... ليس هناك زمن منطقي في قصتنا .. ولا ان حاولت ان تمنطق ما جرى ان تجد للمنطق دور او حيلة فيم كان ...
تربعت في قلبي و اخذت تبني عالمها الجديد فيه ... ترتب اشيائها الخاصة هناك .. كعروس بدأت في نثر الجمال في زوايا تلك الغرفة التي لا تحوي الا زهورا ..و بعض من موسيقى الحب المترنمة ...
تلقفت ما اتتني به .. و خلعت من على اكتافي ذلك الرداء الذي تلحفت تحته منذ زمن ... فقد كنت وصلت الى القناعة بمكان .. بأن الشرقية في الرجل تجبره ان يبقى واقفا قويا ... لا يحاول ان يجثو على ركبتيه امام تلك الحسناء و يسلم اليها الروح لتلقي بها حيث شاءت او احبت ...
بل ..وجدت نفسي اصنع للشرقية معنى اخر ... فالشرق هو وطن المشاعر .. والعواطف الجياشة ... كان منذ الازل ذلك الاسود المستأسد يستمد قوته من تلك الخجرية حين احبها ... و لن اتحدث عن ذلك المجنون ... الذي افنى عمره و مات حين احب حواء و اسماها " ليلى " .
اسلمها الروح في محبة و رضى .. و اضع ما بين كفيها قلبا رقيقا .. ولد توا .. ولم يشتد عوده بعد ... فقد حرصت على ابقاءه بعيدا عن تقدم العمر .. حتى يضل ذلك الطفل الضعيف يحتاج الى الحنان و الاعتناء ... فذلك الشعور ما زال يغريني و يفتتني ...
حبها الان .. جنة و نار في آن .... اعشقها و انتظرها حتى بتعب الجوارح و تنهدات الصدر المكلوم ... هذا و اجد حلاوة في ألمي و استمتع حين تسقط من عيني دمعة حارقة ... لتظفي على حبي لها اشتعالا اخر ...
فأنا احترق في مكاني ... اشبه ذلك الهندوسي حين يتقرب الى ربه برماد جسده بعد ان يحترق ...
و انا ... ما ازال احب ان اجد الدلال في خطوط يدها حين تمسح على وجهي ... و تأخذني الى صدرها محاولة تهدئتي ...
اجد نفسي ذلك الولد الشقي حين يختلق اي فرصة لتأخذه امه وتلامس وجنتيه مبستمة .. قائلة : اهدأ يا حبيبي اهدأ ..لا تتعبني اكثر .. فأنت تعلم اني احبك " بني " لكن لا تسبب لي الضجر مرة ثانية .. والا ....
يبتسم ذلك الطفل و كأنه يقول في نفسه ..ليكن ما يكن في المرة القادمة ... فأنا الان هنا ... بين يديها بعيدا عن ذلك العالم المجنون .. اشعر بدفئك و استمع الى دقات قلبك ...
اقتل الف مرة .. والف مرة اقتل .. حين تشعرني و بذكاء المرأة الماكر ... بأن احدهم يحاول الاقتراب .. احترق وغيرة تعتصر قلبي
احترق غيرة حتى من ذلك الهواء الذي يداعب وجنتيها او يلاعب ضفائر شعرها .. فكيف لي ان يهدأ قلبي قبل ان اضعها بيني يدي ..اقربها الى صدري ومني ملتهفا .. قبل ان اخبئها عن كل تلك العيون .. احتاج الى ان اكون ذلك الفارس الشديد .. حين يستميت في الدفاع عن وطنه من العابثين فيه ...
اعود الى قصتي و احاول لملمة افكاري ... لعلي اقف على ذلك الجزء الذي احتاجه منها ...
احتاجه منها "؟؟؟ ....
اي جزء افاضله عن جزء اخر في قصتي معها .؟ !
فكلها قصتي و الفرح ... بما تحويه من صد والم و صدود المحبوب بثوب الدلال المطرز بجمال ورقة بردة تلك الملائكية حين تلمس جنبات قلبي بأطراف اناملها !
قصتي واياها لم تبدأ بعد ... فتلك كانت تقدمة لقصة ملحمة من ملاحم التاريخ ...
لكنها ملحمتي انا ..و قصتي انا .. معها هي ..
مستفيدا من ذلك الوقت الذي اجد نفسي دونها .. و هي تجول في عالمها ... لربما تبتعد لتقترب مرة اخرى ... لكنها الان ليست ها هنا ...
لتبتعد كما ارادت .. فحلاوة اللقاء من جديد يصبرني و يصطبر قلبي اللاهف اليها ...
انتظرك هنا ... فلا تطيلي الغياب ...